الاثنين، 20 مارس 2017
السبت، 11 مارس 2017
في ذلك المساء – محمد الفاضل
بدأت السماء تندف غيمات
قطن ناصعة البياض وارتدت الأرض حلتها البيضاء ، تعرت الأشجار وخلعت رداءها الأخضر
، سقطت أوراقها اليانعة بعيد أن تلاعبت بها الريح فطوحت بها بعيدأ ، الأغصان عارية
ومثقلة بالثلوج ، تجمدت الجداول والغدران وأصبح سطحها شفافاَ مع هبوب ريح باردة تخترق
العظام عميقاً ، تحيل الجسم إلى قالب من الجليد ، سكنت الحيوانات ورقدت في جحورها
، حتى الطيور لزمت أعشاشها . دخان الحطب المشتعل في المداخن برائحته الأخاذة يضفي
جواً رومانسياً على القرية الجبلية في أقصى الشمال ، الكون يلفه سكون رهيب ،
الطرقات المؤدية ألى القرية يصعب الوصول إليها .
في ذلك المنزل الكائن في
طرف القرية المحاذي لربوة مرتفعة ، يعيش رجل خمسيني ، ذو ملامح حادة ونظرات ثاقبة تدل
على سطوة صاحبها ، فارع الطول ، وجه مستدير وأنف حاد ، صاحب حضور مهيب . كل أهالي
القرية يخشى سطوته ولايجرؤون على الاقتراب من منزله الذي نسجت عنه حكايات مرعبة
وقصص يشيب لها الولدان .في الهزيع الأول من الليل يسمع الأهالي صرخات تشق عنان السماء ، البعض
يتهمه بالجنون والبعض الاَخر بممارسة السحر والشعوذة ، سرت إشاعة في القرية
مفادها أنه في ليلة عاصفة انتابته نوبة جنون عارمة فأقدم على قتل زوجته وابنته الوحيدة ودفنهما في
حديقة المنزل ، وهذا ما يفسر عويله كل مساء .
توقفت سيارة على مقربة من
المنزل وبقيت مصابيحها مضاءة ، بعد هنيهة ترجل منها شاب في مقتبل العشرين مع فتاة
في مثل عمره ، حاول الشاب أن يدير محرك السيارة مراراً ولكن لم يفلح ، جال ببصره
في أنحاء المكان فلفت انتباهه ضوء خافت منبعث من المنزل ، قرر أن يستطلع المكان ، اقترب
من المدخل ولشدة دهشته وجد الباب موارباً ،
من العدم... انتصب أمامهما رجل فارع الطول ، بارد الملامح ، وجهه مثل تمثال الشمع
لاحياة فيه وذو صوت عميق . ارتعدت أوصال
الشاب والفتاة وجمد الدم في عروقهما وهو يدنو
منهما ، ابتلعا ريقهما بصعوبة ، ولم تمض سوى دقائق معدودة ، حتى علا صراخ تردد صداه في أنحاء القرية .
صباح اليوم التالي حضرت
الشرطة مع مختار القرية وبعض الوجهاء ، عندما رأى أحدهم أضواء السيارة ليلة أمس ،
دلف الجميع إلى المنزل بعد أن لمحوا السيارة المتوقفة أمامه ، على مرأى من الجميع كان
الشاب فاغراً فاهه وقد فارق الحياة وبجانبه فتاة بلا حراك ، عيناهما تشخصان إلى
سقف الغرفة .
- من يسكن في هذا المنزل ؟
، سأل المحقق المختار .
- لا أحد يا سيدي ، المنزل
مهجور منذ سنوات ، مات صاحبه مع عائلته في حادث سيارة رهيب منذ عشر سنوات ! ، أردف
المختار .
السويد – 30/ 6 / 2016
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)