السبت، 26 مارس 2016

حبات الأرز – بقلم محمد الفاضل

لم تكن قد تعدت الستين من عمرها ، رسم الزمن لوحة رمادية وحفر أخاديداً في وجهها المتغضن الذي يحكي اَلاف القصص . غارت عيناها واحدودب ظهرها ، كانت تجر رجليها بضعف جلي لاتخطئه العين وتزداد شحوباً وهزالاً مع مرور الأيام التي كانت تزحف ببطء شديد . انسابت دمعة سخية على خديها فمسحتها حتى لا ترى نظرة الشفقة في عيون ذلك المسخ الغريب وهو يختال مزهواً ببزته العسكرية.لم يدر بخلدها أن الإنسان ممكن أن ينحدر باَدميته إلى هذا المستوى من الانحطاط والحيوانية. عادت بها الذاكرة إلى الوراء ، كانت تبكي في صغرها وترتعش إذا رأت عصفوراً يذبح أمامها. - سيدي إنها تحمل كيساً ، لعله مليء بالمتفجرات !! - اقتربي ! توقفي ! هل أنت خرساء ؟ كانت تحملق في وجهه فاغرة فاهها كالمشدوهة ، بدت مذهولة ، - حتى النساء ؟ أكاد لا أصدق ! - ماذا يوجد بداخل هذا الكيس ؟ إياك والكذب فأنا أعرف جيداً أمثالك ، كلكم ارهابيون - كانت تتطلع إليه في بلاهة شديدة ! وتردد في استعطاف ، انه مجرد كيس أرز سادت فترة من الصمت ، وأحست ببرودة في أوصالها . أطرقت رأسها إلى الأرض وأسقط في يدها - أيها العسكري خذ منها الكيس ، وبدأ ينتزعه وكأنه ينتزع قلبها ، فالمدينة في حالة حصار ظالم وقد عز الطعام خارت قواها وأحست بغصة في حلقها، كيف يمكن أن تعود خالية الوفاض ؟ ماذا ستطعم أولادها ؟ بدأت كل تلك الأسئلة تدور برأسها، أخذت تتطلع حولها عل أحداً يهب لمساعدتها . بدأ الوحش الضاري بإفراغ الكيس فوق أرضية الشارع في محاولة لكسر روحها , تكومت على أرضية الشارع وبدأت تجمع حبات الأرز والألم يعتصر قلبها . على مقربة منها كان ذلك المسخ يتكيء على عجلته العسكرية حاملاً سلاحه الاَلي . أما المسخ الاَخر فقد اكتفى بالتقاط صورة لها وهو يقهقه منتصراً وقد ظن أنه نال من روح التحدي والعزيمة .كانت تود أن تصرخ ملء شدقيها ، أنا لست ارهابية ، أنا انسانة تحب الحياة والعصافير والفراشات الملونة. أنا أمقت الطائفية وأحب كل الألوان، كانت تبدو على وجهه علامات السقوط و الهزيمة. السويد – 25/03/2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق