السبت، 4 يونيو 2016

عدالة اجتماعية – محمد الفاضل






طفلتان مثل نسمة هواء عليلة في قيظ النهار ، بعمر زهور الربيع وهي تعانق خيوط الشمس ، مثل فراشات تتراقص مزهوة بألوانها الخلابة ، حيثما تحط تضفي المرح والسحر ، تعيشان في زمن العولمة على هامش الحياة ولا يعبأ بهما المجتمع ، تجوبان الحارات ، تنقبان بين فضلات القمامة ومخلفات الطبقة المخملية عن بقايا طعام تسكتان به جوعهما ، فالمعدة خاوية لم تذق الطعام منذ ليلتين . وفي المساء بعد أن ينال منهما التعب تفترشان صناديق الكرتون فوق الرصيف وتلتحفان السماء ..

الكبرى لا تتجاوز العشر سنوات ، من الوجوه التي أودعها الله البراءة ، أثقلت الهموم ممشاها والهم أضناها ، يكسو وجهها الحزين علامات البؤس والشقاء ، اضطرتها قسوة الحياة وشظف العيش إلى ارتياد براميل القمامة وأكوام الأزبال بشكل يومي ، وترافقها في مشوارها المضني أختها الصغرى ، كانت شفتاها تفتر عن ابتسامة يغلب عليها الحزن . أخيراً وجدا ضالتهما بعد طول عناء ، وكأنهما وجدا غنيمة !

جثت الصغرى على ركبتيها عن طيب خاطر ، فوق اسفلت الشارع بجانب الحاوية حيث تتبعثر الأكياس البلاستيكية ، وقد أدمت الحصى ركبتيها الغضتين ولكنها تحاملت على نفسها ووضعت ملحاً فوق الجراح ، ارتقت أختها فوق ظهرها الذي بدأ يرتجف مثل سعفة نخل خاوية ، وشرعت تبحث عن بقايا طعام .

- أسرعي يا أختي! أرجوك فظهري لم يعد يحتمل ، هل وجدت شيئا نأكله ؟ أنا أتضور من الجوع .

هدأت اختها من روعها ، صدرت عنها زفرة من جوانحها تشتعل ناراً وتحجرت الدموع في مقلتيها .

- اصمدي قليلاً غاليتي! ريثما أملأ الكيس .

في الطرف الاَخر من المدينة حيث تتلأًلأ الأضواء وتزدان الغرف بثريا الكريستال المعلقة مثل النجوم المرصعة في كبد السماء ، رجل يزن حفيدته وينقدها مليون دينار مقابل وزنها كهدية بمناسبة عيد ميلادها !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق