الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

مسرحية هزلية وسيوف خشبية – محمد الفاضل


في سباق محموم وجو هستيري ممانع لايخلو من مفارقة مضحكة تجري الاستعدادات على قدم وساق لتهيئة موقع التصوير حيث يقوم المخرج ومساعدوه بإعطاء التعليمات الصارمة للكادر الفني والتقني بضرورة حفظ أدوارهم وتقمص الدور بشكل احترافي في محاولة يائسة لخطف الأضواء وصرف أنظار المشاهدين العرب عن متابعة المسرحيات الإقليمية المندسة ، والأجندات الخفية للقنوات المغرضة المنافسة للسوق المحلي ! تم رصد ميزانية ضخمة لإنجاح العمل المسرحي على أمل كسر الاحتكار وتحقيق أعلى الإيرادات في شباك التذاكر . بذل خبراء المعارك ومصممي الملابس والمكياج وطاقم العمل جهداً غير عادي لإضفاء لمسة واقعية على العمل وذلك بنصب صواريخ الممانعة الكلامية في عدة مواقع للإطلاق ، بشكل يوحي للجمهور بجدية المواجهة وذلك لبث الرعب في قلوب الأعداء ومحوهم من الخارطة .
يروق لحكامنا بين الفينة والأخرى ممارسة هوايتهم الأثيرة في إطلاق صواريخ الردع والردح الثوري العابرة للقارات ومختلف صنوف الأسلحة والمشادات الكلامية ، والخطابات الحماسية الساخنة ، وإطلاق الرصاصات الخلبية فوق خشبة مسرح الدمى في محاولة مستميتة لشد وجذب المشاهد العربي الذي أضحى يحفظ السيناريو عن ظهر قلب في مشهد درامي لايخلو من كوميديا سوداء تبعث على الضحك حد البكاء . فجأة قرر الحاكم أن يظهر مواهبه الفنية في الإخراج المسرحي مستعيناً بطافم العمل الممانع من نجوم صف أول وصف ثاني ، وكومبارس ومهرجين ومطبلين وعازفين . ولأن حكامنا مولعون بعالم الشهرة والأضواء حد الهوس ، فانهم لا يتركون فرصة أو مناسبة للظهور إلا واغتنموها في محاولة مريضة للبقاء فوق خشبة المسرح وتحت الأضواء أطول فترة ممكنة !
وعلى الرغم من الأداء الغير مقنع للممثلين ، يصر المخرج على المضي قدماً في عرضه المسرحي المتفرد غير عابئ بعبارات الاستهجان والصفير التي تعالت خلف الكواليس وفي أوساط المشاهدين . نحن أمام مشهد درامي ملئ بالتناقضات ، يحمل في طياته الواقع الأليم والمر لحجم المأساة والهموم التي ينوء تحت وطأتها جمهور اعتاد على التهميش طيلة عقود.
وفي مشهد يحاكي شخصية (دون كيشوت)للكاتب الأسباني سرفانتس,وهو يحارب طواحين الهواء ، ظهر الممثلون ببزاتهم العسكرية ونياشينهم القصديرية التي توزعت فوق صدورهم بحجم خارطة الوطن ! وهم يرقبون المناورات العسكرية الهزلية في مشهد كوميدي يبعث على القرف والبصاق .
وفي نهاية العرض خيم على المكان صمت مطبق وأسدل الستار والجمهور في حالة وجوم وذهول من كم المشاهد المضحكة مقارنة مع حجم القمع والقتل اليومي خارج خشبة المسرح ، مع فارق أن الدماء التي تسيل هي دماء واقعية وليست فنية ، والرصاص الذي ينهمر فوق رؤوس المندسين الذين لم يعجبهم العرض هو رصاص حي ، ممانع بامتياز وليس خلبي !!!!
مسرحية هزلية وسيوف خشبية – محمد الفاضل


http://www.arflon.net/2011/12/blog-post_482.html#more

http://www.odabasham.net/show.php?sid=51390

http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action=&Preview=No&ArticleID=24797

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق